الساعة هي ١٢:٣١ وأنا الآن أشُمُ رائحة سمكٍ مقلّي من الجيران وهذا غريبٌ حقاً نحنُ في منتصف الليل ليس منتصف الظُهر ولا أرى أن الوقت مناسبٌ لا لأكل السمك ولا لقليهِ حتى! ولكن هذه حالة عادية فـ لدي جارٌ استثنائي -بعيداً عن استثناء انه الوحيد الذي يقلي السمك في منتصف الليل- إنه يعيش في الشارع مجازياً بصراحة لا أدري هل انتهى نزاعهُ مع زوجتهِ التي تتهمهُ بالتقصير في تعليم ابنهما مُدَّعية أن ابنها كان سيُصبحُ نابغة ذبيان لولا تخاذُل والدهِ في تدريسه وهذا ما جعل الطفل يتفاحمُ في الفشل ويحصل على علامة تسعة من عشرة في مادة الرياضيات -على الرغم من أنه حصل على علامة كاملة في بقية المواد إلا أن أخو والدتهِ “طلع الأول” على المدرسة البائسة- وأظُن أن الأب الآن بدأ بالتفكير بجدية حول نبوغ ولدهِ وبدأ يتسائل عن كيفية نجاح أخو زوجته وهو يعلم حق اليقين أن زوجتهُ خارقة الذكاء”أمزح” ولسوء الحظ تذكرّ أنهُ هو الآخر ليس نابغة ذبيان لذى قام وأحضر جيشاً من السمك الغني بالأُوميجا ثلاثة..نعم أيها القارئ لقد جلب رطلاً من سمكِ “الجِّرِّيّ” الذي يُنادي عليه البائع دائماً “جرّي بلا عظم!” ولا أكاد أجزم أن نصف تعداد البشرية يعلم أن ما يقولهُ البائع ليس ميزةً مجهولة في هذا النوع من السمك! هو تعبيرٌ مجازيٌ أساساً فالسمكُ الجرّي يمتلك عظاماً ولكن ليس فيه أشواك إضافةً إلى ميزتهِ الخارقة وهي قدرة رائحته على طرد الإنس والجان من أي مكان وزمان لكنَّ السمك الجرّي ليس عدوي هذه الليلة…عدوي هو الغباء الذي بلغهُ جاري لدرجة أنه يُحاول تحسين قدرات دماغهِ في منتصف الليل وهذا حتماً دليلٌ على أنه فقد عقله إما بسبب أنه لم يمتلك واحداً من الأساس أو بسبب زوجتهِ خارقة الذكاء التي قد تكون أقنعته أنه أحمق وإذا تناول السمك المقلي سيُصبح ذكياً.
